سماء بلا نجوم
تقدم بهدوء ممزوج بالرهبة نحو تلك الغرفة القديمة , فتح بابها , ليصدر زئيراً عالياً , لم يسمعه أحد , لأنهم كلهم ذهبوا , تركوه وحيداً , في عالم يعج بالوحوش , وحوش من بني البشر , لم يرحموا أحداً , لا أطفالاً و لا شيوخاً , و لا حتى نساءً , أحضر كرسياً , و اقترب من الخزانة , أنزل شيئاً , أعتقد أنّني أعرفه , إنّه ذلك الكمان الذي اشتراه له والده من رام الله قبل سنوات طوال, ليعزف عليه الفتى الصغير ألحان الحياة , الحلوة و المرّة , ليعزف قصة ابن الشهيد الحرّ الأبي , اشتراه له علّه يراه يعزف عليه يوماً من الأيام , لم يعرف أنّه سيرحل إلى الأبد , قبل أن يراه , يشمّه يستنشق رائحته , أصوات رقيقة تنساب من ذلك الكمان , توقظ في داخلنا المشاعر الميتة , تنبهنا إلى الخطر القادم , لنعود و نغفو مرّة أخرى , بعد أن قتلونا
و دنسونا و فجعونا بأهلنا , أصوات رقيقة قادمة من تلك الغرفة المعتمة , التي يلفها الضباب , لكنّ بداخلها شمساً , تعود من جديد لتنير عالماً مليئاً بالظلام و الوحشة و الخوف , تتحدى قصف المدافع في الخارج و هدير طيارات العدو , و أصوات البنادق و المدافع الرشاشة و الصواريخ ." هناك " يصرخ أحد قادة العدو , بصوت أجش ينمّ عن حقد و غضب قديم ... قديم , تنطلق بعد ذلك قذيفة و تهدم جزءاً من البيت , و يبدأ السقف بالانهيار , و هو مازال واقفاً في مكانه ,
و الألحان العذبة الشجيّة لازالت تنطلق من ناحيته , مرة أخرى تنطلق قذيفة , يتبعها وابل من النيران , حتى خفّ صوت الموسيقى , ورحل الفتى الصغير , ليلحق بوالده , دونما أي ذنب يذكر ,قهقهةٌ تنطلق من ذلك الفم النجس , ليرفع صاحبه يديه علامة النصر , أي نصر هذا يا حمقى , تقتلون طفلاً صغيراً , و يكون لكم بذلك نصر ؟ , همّ قائد الجنود بالدخول إلى الغرفة التي قتل فيها الطفل الصغير ذي الأحد عشر ربيعاً , و يأبى الله إلا أن يذلهم و يخزيهم ولو بعد حين ,و ينهار عليه جزء من السقف , و يطمر تحت التراب , ليموت كما أمات الكثيرين , و شرّد و ضيع و هدّم منازل الكثيرين
و الكثيرين , ليعود صوت الكمان ليرتفع من جديد , معلناً بذلك بداية يوم جديد , و أمل جديد , ينطلق من هناك ... من الأراض المقدسة, ليعيد لنا جزءاً من كرامتنا التي سلبت و ضاعت و شرّدت
و نحن صامتون , واقفون في أماكننا , فهل من مستمعٍ لذاك النداء المقدّس؟
تقدم بهدوء ممزوج بالرهبة نحو تلك الغرفة القديمة , فتح بابها , ليصدر زئيراً عالياً , لم يسمعه أحد , لأنهم كلهم ذهبوا , تركوه وحيداً , في عالم يعج بالوحوش , وحوش من بني البشر , لم يرحموا أحداً , لا أطفالاً و لا شيوخاً , و لا حتى نساءً , أحضر كرسياً , و اقترب من الخزانة , أنزل شيئاً , أعتقد أنّني أعرفه , إنّه ذلك الكمان الذي اشتراه له والده من رام الله قبل سنوات طوال, ليعزف عليه الفتى الصغير ألحان الحياة , الحلوة و المرّة , ليعزف قصة ابن الشهيد الحرّ الأبي , اشتراه له علّه يراه يعزف عليه يوماً من الأيام , لم يعرف أنّه سيرحل إلى الأبد , قبل أن يراه , يشمّه يستنشق رائحته , أصوات رقيقة تنساب من ذلك الكمان , توقظ في داخلنا المشاعر الميتة , تنبهنا إلى الخطر القادم , لنعود و نغفو مرّة أخرى , بعد أن قتلونا
و دنسونا و فجعونا بأهلنا , أصوات رقيقة قادمة من تلك الغرفة المعتمة , التي يلفها الضباب , لكنّ بداخلها شمساً , تعود من جديد لتنير عالماً مليئاً بالظلام و الوحشة و الخوف , تتحدى قصف المدافع في الخارج و هدير طيارات العدو , و أصوات البنادق و المدافع الرشاشة و الصواريخ ." هناك " يصرخ أحد قادة العدو , بصوت أجش ينمّ عن حقد و غضب قديم ... قديم , تنطلق بعد ذلك قذيفة و تهدم جزءاً من البيت , و يبدأ السقف بالانهيار , و هو مازال واقفاً في مكانه ,
و الألحان العذبة الشجيّة لازالت تنطلق من ناحيته , مرة أخرى تنطلق قذيفة , يتبعها وابل من النيران , حتى خفّ صوت الموسيقى , ورحل الفتى الصغير , ليلحق بوالده , دونما أي ذنب يذكر ,قهقهةٌ تنطلق من ذلك الفم النجس , ليرفع صاحبه يديه علامة النصر , أي نصر هذا يا حمقى , تقتلون طفلاً صغيراً , و يكون لكم بذلك نصر ؟ , همّ قائد الجنود بالدخول إلى الغرفة التي قتل فيها الطفل الصغير ذي الأحد عشر ربيعاً , و يأبى الله إلا أن يذلهم و يخزيهم ولو بعد حين ,و ينهار عليه جزء من السقف , و يطمر تحت التراب , ليموت كما أمات الكثيرين , و شرّد و ضيع و هدّم منازل الكثيرين
و الكثيرين , ليعود صوت الكمان ليرتفع من جديد , معلناً بذلك بداية يوم جديد , و أمل جديد , ينطلق من هناك ... من الأراض المقدسة, ليعيد لنا جزءاً من كرامتنا التي سلبت و ضاعت و شرّدت
و نحن صامتون , واقفون في أماكننا , فهل من مستمعٍ لذاك النداء المقدّس؟